مقدمة - التحكـيم فى المنازعات
عرف التحكيم بأنه نظام أو طريق خاص للفصل فى المنازعات بين الأفراد والجماعات سواء كانت مدنية أو تجارية عقدية كانت أو غير عقدية، فالتحكيم يجد قوامه وأساسه في الخروج على طرق التقاضى العادية ، فيعتمد على أن أطراف النزاع هم أنفسهم من يختارون قضاتهم - محكميهم - وتسمى "هيئة التحكيم" وتتكون من محكم واحد أو أكثر حسبما يتفق الأطراف بمشارطة التحكيم أو فى الوثيقة المنظمة للعلاقة التى يتناولها التحكيم .
وقد كان ولا زال التحكيم محل اختلف حول طبيعته فأضفى عليه البعض الطبيعة القضائية انطلاقا من طبيعة عمل المحكم التى تتماثل مع عمل القاضى ،بينما ذهب البعض إلى تبنى الطبيعة العقدية للتحكيم استنادا إلى أن أساس التحكيم هو اتفاق الأطراف، بينما ذهب رأي ثالث إلى اعتبار التحكيم ليس اتفقا محض ولا قضاءً محض فهو فى أوله اتفاق وفى وسطه إجراء وفى أخره حكم.
1- ما يميز التحكيم المرونة ، وتعني أول ما تعني السماح للأطراف باختيار المحكمين الذين يتولوا عملية التحكيم بأنفسهم ، كما أن لهم - في حدود - اختيار النظام القانوني الذي يحتكون إليه
2- ما يميز التحكيم السرعة، فلا يخفى أن أحد أهم العيوب التى يعانى منها القضاء هو البطء الناتج عن تراكم القضايا المعروضة على القاضى فأصبح من غير الميسور على القضاء أن يفصل فى المنازعات بين الأفراد فى وقت قصير بعد أن تعقدت شئون الحياة وكثرت مشاكلها وأصبح لا يفصل فى الدعاوى القضائية إلا بعد مدد تصل إلى عدة سنوات مما يؤدى إلى بطء الفصل فى النزاع عن طريق اللجوء إلى القضاء الذى لا يفصل فيه إلا إذا جاء دوره وبعد أن ينال من التأجيلات مالا يتفق مع مصلحة الاطراف، وحتى لو حقق القضاء العدالة فهي عدالة بطيئة قد لا يصل إليها صاحب الحق إلا بعد مدة طويلة ، فالعدل البطيء هو نوع من الظلم لذلك فان السرعة التى يتميز بها التحكيم تعتبر من أهم إيجابياته فقوانين التحكيم ولوائحه ومواثيقه عادة ما تحدد مدة يجب ألا يتجاوزها المحكم عند إصدار قراره.
3- ما يميز التحكيم أنه أنسب الطرق لحل المنازعات التى تثيرها العلاقات ذات الطابع الدولي فوجود العنصر الأجنبي فى العلاقة يؤدى إلى احتياج أطرافها إلى جهة محايدة لحل ما تثيره من منازعات ويكون التوصل إلى محكم محايد أو على الأقل ينتمي إلى دولة أخرى غير الدول التى ينتمى إليها الأطراف بمثابة طوق النجاة الذى يحظى بقبول الطرفين.
لا يمكن إنكار ما للتحكيم من مساوئ ، فالتحكيم يوصف عادة بأنه طريق مكلف مادياً ويرجع ذلك إلى تصاعد رسوم التحكيم ومكافآت المحكمين فى بعض مراكز التحكيم، إلا أنه يراعى أن هذا العيب يجب ألا يقدر بمعزل عن العامل الزمني إذا تم إنهاء النزاع خلال مدة قصيرة أو حتى مدة محددة قد يكون له قيمة كبيرة فى ذاته، كما أن حصول صاحب الحق على حقه عن طريق القضاء بعد مضى سنوات من إثارة النزاع المصحوب بنزيف مادي قد تكون حصيلته أكثر كلفة من نفقات التحكيم المرتفعة والتي تنهى النزاع سريعا.ً
كما يعتبر من مساوئ التحكيم أيضا فى نظر البعض عدم موضوعية بعض المحكمين وهو ما يمكن تلافيه بحسن اختيار المحكم وهى مسألة تقع أساساً على عاتق الأطراف ويمكن أن تعاونهم فى هذا بعض مؤسسات ومراكز التحكيم غير المنحازة كما يمكن علاج هذه المسألة باتخاذ إجراءات الرد التى تقررها مختلف قوانين التحكيم وهو ما أخذ به القانون المصرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق