أولى إنتاج + أولى سفن
الهندسة البشرية
)علم النفس الهندسي(
تهتم الهندسة البشرية بتكييف الظروف المادية والنفسية الفرد للعامل وذلك عن طريق مجموعة من الأنشطة المتنوعة كالتوجيه والتأهيل والاختبار والتدريب المهنى بالإضافة إلى استنباط وتطوير طرق تأدية العمل وأدوات العمل وظروفه ومكانة.
والمهندسون عادة يهتمون أثناء تصميم الآلات والأدوات بوظائفها الفنية وصلاحيتها للإنتاج وذلك بالتركيز على الناحية الميكانيكية أو بتناسق أجزائها وحسن مظهرها بدرجة أكثر من اهتمامهم بملائمة هذه الآلات والأدوات للفرد الذى يستخدمها، أى ملاءمتها لقدراته الحسية والحركية والنفسية، وحدود هذه القدرات. أحيانا ما توجد بعض الأخطاء الشائعة فى تصميم الآلات والأجهزة من الناحية الإنسانية، فمثلا بعض الآلات قد يكون ارتفاعها فى العادة أكبر أو أصغر من طول العامل المتوسط، ولا يأخذ فى الاعتبار المقاييس العالمية النمطية والواجب الالتزام بها عند التصميم.
والآلة مهما كانت درجة تعقيدها (يدوية-ميكانيكية- نصف أوتوماتيكية أوتوماتيكية)، تتطلب فرد يديرها بكفاءة ويستجيب لمجموعة من التنبيهات والإشارات التى تصدر عنها، كما أنه مطالب فى غالبية الأوقات باكتشاف ومعرفة أعطالها ، وكيفية إجراء عمليات الصيانة البسيطة، وذلك وفق قدراته وخصائصه وحدود طاقاته، من أجل ذلك لا يمكن غض النظر عن النواحى السيكولوجية فى العلاقة بين العامل والآلة التى يعمل عليها وقت كبير فى حياته اليومية وربما المهنية.
والواقع أن موقف المهندس من الآلة وهو يقوم باختبارها فى المعمل تحت ظروف معملية محيطة به- محددة مكانيا وزمانيا وذاتيا- يختلف بدرجة كبيرة عن موقف الفرد العامل الذى يتعامل معها أو يشرف عليها خلال وأثناء العمل، بالإضافة إلى عمله فى ظروف حقيقية ، مثل اختلاف المكان والزمان والمحيطين به بالإضافة الى ضغط العمل والأعمال الإدارية المحيطة به مما قد تسبب له إجهادا يؤثر على كفاءة عمله.
إن دراسة الجانب الإنسانى فى ميدان الصناعة من عمل السيكولوجى والفسيولوجى لا من عمل المهندس الصناعى وحده. فالمهندس البشرى يصمم الآلة بحيث تناسب قدرات الإنسان العقلية والحسية والحركية وحدود هذه القدرات ومدى قابليته للتعلم وأبعاد جسمه وأمنه وراحته ورضاه، ولهذا تسعى الهندسة البشرية إلى ترسيخ مجموعة من الأهداف الإنسانية فى مجال العمل الصناعى ومن أهم هذه الأهداف.
1- تصميم الآلات والأدوات والعدد وتكييفها بحيث يتسنى استخدامها على نحو يزيد من الإنتاجية ويقلل من تعب الفرد المستخدم.
2- دراسة الظروف الفيزيقية الملائمة للعمل كالضوضاء والإضاءة ودرجة الحرارة والرطوبة وما ينتج عنها من تعب وحوادث.
3- تحسين طرق العمل ، أى تغييرها حتى تلائم الفرد العامل ويكون ذلك عن طريق تحليل العمل إلى حركاته الأولية لاستبعاد الغير ضرورى من الحركات وقياس الزمن الذى تستغرقه كل حركة.
4 - إعادة ترتيب وتنظيم أدوات العمل ومعداته ومواده فى متناول الفرد المستخدم.
وتوجد أساليب وطرق علمية بحثية ومعملية عديدة لتحقيق هذه الأهداف وفى مجال تحسين ظروف العمل ، ولعل من أهم هذه الوسائل هى دراسة الوقت والحركة.
دراسة الوقت والحركة
كان "فريدريك تايلور" أول من حاول دراسة الحركات اللازمة لأداء الأعمال الصناعية وتسجيل الزمن الذى تستغرقه كل حركة منها، ثم تقدير الزمن الكلى اللازم لأداء الحركات المتتالية التى يتألف منها العمل، كما كان يرى أن هناك طريقة مثلى واحدة لأداء عملية من العمليات ، فكان يفرضها على من يختارهم أثناء تدريبهم لإثبات نظريته. هذا وقد سار " جلبرت " الأمريكى على منوال " تايلور" غير أنه أستخدم فى دراسة الحركة والزمن طرقا أحدث فأستخدم الأفلام والصور الفوتوغرافية السريعة ، إذ إنه كان يعمل مهندس بناء فى عام 1885 فكان أول عمل قام به هو تحليل عملية البناء تحليلا دقيقا، وقام بعد تلك الدراسة بعمل تعديلات لمساعدة العمال بهدف توفير الوقت اللازم لعمل البناء وكانت نتيجة عمل هذا الباحث هى :
1- حذف الحركات المتعبة والتى لا فائدة منها، أى التى بحذفها لا يختل العمل الأساسى.
2- تعديل الوضع النسبى للفرد العامل ووضع مواد التشغيل أو الخامات اللازمة لذلك لإنجاز عمله.
4- تحديد الخطوات الهامة والغير هامة وترك الجوانب السهلة والبسطة للفرد المساعد ،إن وجد ، أى تقسيم العمل تبعا لأهميته توفيرا للمجهود والخبرة. وبهذا العمل يكون " جلبرت " هو من أهتم بدراسة الحركات اللازمة لأداء العمل على أبسط وجه وأكثر سرعة، وأقل تعباً للفرد العامل ، بخلاف " تايلور " الذى كان يدرس الحركة والزمن وأنسب طريقة وأسرعها لأداء العمل بقصد تحديد متوسط أجر الفرد العامل بناء على زمن العمل.
أهداف دراسة الوقت والحركة
تهدف دراسة الحركة إلى تحليل حركات العامل وأسلوبه فى العمل وذلك بتحليل عمل كامل لمعرفة ما إذا كان يمكن أداءه بحركات أقل وأبسط، أما دراسة الوقت (الزمن) فتهدف إلى تقليل الزمن اللازم للانتهاء من العمل ، وبالتالى رفع معدل الإنتاج. وقديما كانت تدرس الحركة منفصلة عن دراسة الزمن ، أما اليوم فيدرسان معا فى كل تحليل للعمل وذلك لأن الحركة والزمن عنصران متكاملان فى كل أداء حركى، والطريقة الرئيسية لدراسة الحركة والزمن يمكن إيجازها فى الخطوات التالية:
1- تقسم الأعمال البسيطة أو المركبة، يدوية أو آلية، إلى وحدات أصغر وأكثر تخصيصا حتى يقوم كل فرد بعمليات أبسط، وهذه إحدى خصائص الإنتاج فى الصناعة الحديثة (التخصص) .
2- يتم اقتراح وتحديد :
= أنسب الطرق للقيام بالعمليات الجزئية المختلفة باستخدام آلات وأدوات خاصة.
= تعديل وضع الفرد العامل وكيفية جلوسه أثناء عملة .
= إعادة ترتيب الأدوات والعدد والمواد ترتيبا اقتصاديا .
وبذلك يحسب الوفر فى الجهد أو الوقت بين الطريقة الأصلية والطريقة الجديدة المقترحة، وتكرر التجربة للوصول إلى أفضل وضع للفرد العامل.
3- الاهتمام بإيقاع الأعمال الصناعية ، أى أدائها بحركات مدروسة فسيولوجيا (تشريحيا) مما يقلل إجهاد العضلات وبالتالى التعب الجسمى والنفسى.
ولا تنحصر فائدة دراسة الحركة والزمن على الشركات والمصانع الكبرى فقط بل تستطيع المصانع الصغيرة والمكاتب والمنازل أن تستفيد منها، لأن تطبيق مثل هذه الأساليب لا يتطلب فى جميع الأحوال استخدام أجهزة وأدوات معقدة .4
طرق دراسة الوقت والحركة
إذا كان المطلوب تحليل عمل بسيط كتعبئة الفاكهة فى صناديق أو وضع خطابات فى مظاريف، قام المحلل بتسجيل نوع من الحركة العضوية فى سجل خاص كلما قام الفرد بحركة جديدة، وكذلك بتسجيل الأزمنة التى تستغرقها هذه الحركات عن طريق ساعة زمنية عادية أو ساعة إيقاف، ثم تسجل النتائج نتيجة الملاحظة الدقيقة فى " تمثيل بيانى حركى- زمنى " ، موضح فيه نوع الحركات وتسلسلها والأزمنة النسبية لكل منها، مثل حركة اليدين معا، أو حركة كل يد على حدة والعلاقة بينهما، وأفضل مثال لذلك هى عمليات التعبئة والتجميع سواء فى أعمال يدوية أو ميكانيكية.
وهناك طرق عديدة أكثر تطورا من الملاحظة ، وذلك باستخدام التصوير الضوئى. وتتخلص هذه الطريقة فى وضع مصابيح كهربية صغيرة على العناصر البشرية المتوقع أداء الحركة بها كيد الفرد أو رأسه أو ساقه ، أو على الأدوات التى يستخدمها. ويتم التصوير فى مكان مظلم بعض الشىء ثم يتم تصوير حركاته على لوح فوتوجرافى فنحصل بذلك على بيان حركى فوتوجرافى. ولدراسة زمن أداء العمل، تزود الدائرة الكهربية بعناصر كهربائية معينة - مقطعه للتيار ترددها 1,. ثانية - فيتم الحصول فى الصورة على خطوط متقطعة غير متصلة، يمكن منها تحديد الزمن المستغرق للحركة المدروسة. وتسمى الصورة فى هذه الحالة " البيان الفوتوجرافى الشامل "، فإذا كان الهدف رؤية الحركات فى أبعاد ثلاثة أى كما تحدث فى الواقع - وهذا أمر هام فى تحليلها ، يجب الاستعانة بجهاز الأستيروسكوب وتسمى الصورة فى هذه الحالة "البيان المجسم ".
وقد دلت الدراسات للوقت والحركة على هذا النحو، على أن الفرد غير المدرب يقوم بعدد كبير من الحركات الزائدة مما يؤدى إلى الإضرار به وفقد كثير من الجهد والوقت دون عائد، هذا بالإضافة إلى أن الوصول إلى مرحلة التعب والإرهاق دون أن يتنبه الفرد لذلك نتيجة انهماكه فى العمل، غالبا ما يؤدى إلى خفض درجة تركيزه واحتمال حدوث إصابة فى هذه الحالة يكون كبير. وهؤلاء الأفراد يمكن تدريبهم على تحسين مهارتهم فى الإنتاج إلى حد كبير بتعليمهم الاقتصار على أداء الحركات الضرورية التى يجب الالتزام بها.
تحسين طرق العمل
الطرق الصحيحة للعمل هى الطرق التى تزيد من معدل الإنتاج ولا تزيد من التعب وإلا فهى طرق غير صحيحة، ولقد أدت دراسات الوقت والحركة خلال مجموعة من الدراسات والملاحظات العلمية المتعددة ، وفى مجالات مختلفة، إلى النتائج العملية الآتية:
1- استخدام اليدين معا خاصة فى أداء الحركات المتماثلة أفضل بكثير من استخدام يد واحدة . لذا يراعى خبراء الهندسة البشرية تنظيم العمل، بحيث تعمل اليدين معا أثناء العمل كما ينصحون بذلك خاصاً فى عمليات التعبئة والتغليف والتجميع والتركيب، كأن تكون المسامير اللولبية (المقلوظة) على يمين الفرد العامل والصواميل على يساره، ثم يستخدم كلتا يديه فى تزامن متناغم لإنجاز عمله فى أسرع وقت وبدون أى إرهاق بدنى. أو أن يدير أكره بيده اليمنى فى اتجاه عقرب الساعة، وأخرى بيده اليسرى -نفس الوقت - ضد عقرب الساعة. وقد أثبتت الدراسات المتعددة إن استخدام اليدين معا فى أداء عمليات متماثلة يوفر حوالى 30 % من الجهد البدنى وبالتالى يتجنب التعب البدنى والنفسى.
2- يجب ألا تقوم اليدان بأعمال يمكن أن تقوم بها القدمان .
3- الحركات المنحنية المتصلة أفضل من الحركات المستقيمة التى تغير من اتجاهها فجأة، ويلاحظ أن انتقال الفرد العامل من أسلوب عقيم للعمل إلى أسلوب جديد يؤدى غالبا فى أول الأمر إلى نقص فى إنتاجه، وليس بزيادة مباشرة فيه كما يظن البعض وذلك لأن الأسلوب القديم أصبح مألوفا له فقد اعتاده الفرد لسنوات عدة ، وأن الأسلوب الجديد يتطلب الإبطاء فى العمل والانتباه المستمر إليه حتى يتم إتقانه، بل قد يبدو أحيانا أن الأسلوب الجديد أكثر صعوبة من الأسلوب القديم لأنه يقتضى استحداث مجموعة أنشطة جديدة من العضلات، كتدريب الفرد مثلا على استخدام كلتا اليدين فى تعبئة الصناديق بدلا من استخدام يد واحدة.
4- التوافق بين سرعة العمل وبين الإيقاع الطبيعى للفرد مما يؤدى إلى خفض ما يبذله من طاقة جسمية ونفسية، خاصا فى خطوط التجميع التى تتعدد فيها المراحل وتتزامن مع بعضها البعض بطريقة متوافقة مع خطوط إنتاج آخرى ، كما يحدث فى مصانع السيارات وتجميع الأجهزة الإليكترونية فمن الأفراد من يستطيع بقدراته الفنية والبدنية والنفسية ، على تجميع وإدارة الآلات السريعة ، وآخرون للأعمال الأقل سرعة.
ومن ناحية أخرى فقد أدت نتائج البحوث الفسيولوجية إلى تحسين طرق العمل فى نواح كثيرة، وعلى سبيل المثال، أن دفع عربة اليد الصغيرة يستنفد من الطاقة أقل ما يستنفده جذبها ، وأن دفعها بحركة سريعة يستنفد طاقة أقل من دفعها بحركة بطيئة، وأن دفعها بذراعين مستقيمين أسهل من دفعها بذراعين مثنيتين. كما أثبتت الدراسات أيضا أنه عندما يجر فرد حمل (ثقل معين) من خلفه بواسطة ربطه بحبل يمر من فوق كتفه، يستنفذ طاقة أقل بكثير مما تستنفذه هذه العملية لو حاول القيام بجذب هذا الثقل وهو يواجهه.
تكييف الآلات والأدوات
يوجد كثير من الآلات والأدوات والأجهزة فى المصانع والمكاتب والمنازل سيئة التصميم، فهى فى حاجة إلى التهذيب والتكييف ومثال لذلك ماكينة الخياطة القديمة، والتى كانت تدار بواسطة اليد اليمنى، وفى نفس الوقت هى التى تقوم بأهم جزء من العمل عليها، كإدارة عجلتها وإيقافها وتعديل سرعتها. ومع التطور أصبحت تدار مثل هذه الماكينات بواسطة موتور كهربائى، وما زالت بوضعها الراهن تقتضى أن تقوم اليد اليسرى لا اليمنى بأكثر العمل مع أن اليد اليسرى ليس لها من خفة الحركة ما لليمنى فى معظم الأفراد والأحوال. وكمثال آخر يجب ملاحظة التغييرات التى تحدث فى إعادة ترتيب لوحات الكيبورد والخاصة بالكومبيوتر والتى تهدف الى راحة المستخدم وزيادة سرعته اعتمادا على سهولة استخدام اليدين والتعامل بسهولة مع الأحرف والأرقام والوظائف الأساسية المختلفة والتى يطلب تنفيذها فى البرامج المختلفة وكذلك عمليات الطباعة وسماع الموسيقى وخلافه. غير أن مثل هذه التعديلات المقترحة للتحسين قد لا تجد قبولا سريعا لدى المستخدم عند التنفيذ وذلك لآن طبيعة الفرد لا تقبل التغيير بسهولة بل هى على استعداد فطرى للمقاومة بالإضافة إلى أن ممولى مثل تلك الماكينات يضرهم ماليا قبول المخاطرة بأحداث تغييرات على المنتج الذى تعود عليه المستهلكين فى السوق، خاصاً من ألفوا استخدام هذه الآلات بوضعها الحاضر، ويشق عليهم أن يتعلموا من جديد استخدام الموديلات الحديثة منها مهما كان أصلح وأيسر فنيا واقتصاديا.
وضع الأدوات وترتيبها فى مكان العمل
من أفضل الطرق لتوفير الوقت والجهد تقليل المسافة بين العامل والأدوات التى يستخدمها وهذا يريح العامل وغالبا ما يكون سببا فى زيادة الإنتاج. ومن المعتاد أن يقوم الفرد العامل بترتيب أدواته وعدده بالطريقة التى تلائمه وبنفسه، لكنه يحتاج من دون شك إلى تحديد أماكن مريحة ومخصصة كصناديق وأرفف ثابتة يمكن التعامل معها بصورة آلية وبسيطة دون توقف أو بحث أو تفكير يعوق العمل الأساسى المنوط به. وهذه مسألة تتطلب الدراسة والتجربة ثم التقنيين النهائى لأفضل مكان للعمل بما يحتويه من أماكن للعدة والأدوات. وعلى سبيل المثال فى حالة ، إذا ما وضع كل نوع من المسامير (المقلوظة) فى صندوق أو درج مكتوب عليه مواصفات المسمار كالمقاس مثلا ، فإن ذلك يوفر كثيراً من الوقت والجهد عما لو وضعت بقية المقاسات فى مكان واحد مجمع أى مع بعضها البعض.
الظروف الفيزيقية للعمل
تتوقف إنتاجية العامل على عدة عوامل إنسانية ومادية، فمن العوامل الإنسانية أو الشخصية قدرات الفرد واستعداداته وسمات شخصيته بالإضافة إلى قوة دوافعه وخبرته التدريبية. وتشمل العوامل المادية الظروف الفيزيقية والاجتماعية التى تحيط بالفرد فى مكان عملة، ومن أكثر العوامل تأثيرا هى الظروف الفيزيقية الموضوعية مثل الإضاءة والألوان والتهوية والضوضاء.
إن تحسين تلك الظروف يجب أن يشعر الفرد بأن هذا التحسن يتم من أجل الحرص على صحته وراحته ودرجة الاهتمام به كإنسان عامل، وليس من قبيل زيادة الإنتاج فقط، وذلك حرصا على ضمان استقرار العوامل النفسية الإيجابية للفرد العامل فى الإنتاج، وفيما يلى شرح لبعض هذه العوامل.
1- تأثير الإضاءة على ظروف العمل
من المألوف عادة أن تترك فى المصانع والشركات أعمال التصميم والتنفيذ للإضاءة لمهندس الكهرباء، غير أن الإضاءة تثير مسائل سيكولوجية تحتم تعاون السيكولوجي مع المجال الهندسى الصناعى، وذلك لأن الفرد لا يستطيع أن يحكم بنفسه على صلاحية الإضاءة ولابد من إجراء اختبارات تحصيل دقيقة فى إضاءات مختلفة لتحديد الظروف المثلى لها فى الأعمال المختلفة. فالضوء له اشتراطات عامة، فيجب أن يكون كافيا ثابتا موزعا توزيعا عادلا فلا يحدث زغلله.
وللإضاءة الجيدة أكثر من فائدة فإنها تزيد من الإنتاج ودقته وتسهل الرقابة على الأفراد العاملين، كما أنها تكشف الأركان والأماكن المليئة بالأتربة وخلافه، مما تدفع إلى ضرورة تنظيفها ، كذلك تنقص من المواد التالفة ، وفيها تتحسن ظروف الوقاية من الحوادث.
فضوء الشمس المباشر قد لا يحقق دائما هذه الشروط بحيث يجب تصويبه وتعزيزه غالبا بإضاءة صناعية وذلك لأن الإضاءة الجيدة تعين العامل على رفع مستوى إنتاجه، كما أنها تقلل من مجهوده، فضلا عن أن الإضاءة الغير مناسبة تثير فى نفوس الكثيرين الشعور بالانقباض وما يؤدى إلية من إرهاق البصر وزيادة التعب والأخطاء. ويعتبر ضوء النهار العادى هو أنسب أنواع الإضاءة ويجب الانتفاع به إلى أقصى حد باختيار حجم وعدد وشكل النوافذ والفتحات للاستفادة القصوى من الضوء الطبيعى ويجب ألا تقل مساحة النوافذ عن نسب محددة ولكل صناعة ظروفها (غالبا 30 % من مساحة البناء) وان تظل نظيفة وتسمح بنفاذ الضوء كاملاً، هذا وتؤدى الإضاءة غير المناسبة إلى عدة مشاكل منها:
1- إنهاك البصر وسرعة الإحساس بالتعب.
2- استغراق وقت أطول فى العمل.
3- زيادة الإنتاج المعيب وخفض الجودة.
4- زيادة احتمالات وقوع الحوادث.
وهناك شروط معينة مرتبطة بنوع العمل، وتقترن شدة الإضاءة على التوزيع المتجانس للضوء، وإلا كانت الشدة مصدر اضطراب للعمل وإزعاج للعامل. وتتحدد الإضاءة بعدة خواص منها:
1- التوهج | 2- الانعكاس | 3- درجة التوسع | 4- درجة السطوع | - اللـون |
والضوء غير الموزع توزيعا متساويا يعتبر من أكثر عيوب الإضاءة شيوعا وأكثرها إجهادا، وذلك لأن تكيف العين للضوء يتأثر بمقدار الضوء المستقبل من مكان العمل ، وأيضا من الضوء المستقبل من حجرة العمل بأسره. لذلك يجب أن يراعى فى توزيع الضوء المدى البعدى الكلى للفرد، لا المجال البصرى المنحصر فى عمله فقط. والضوء غير المباشر أفضل وسيلة تكفل الإضاءة المتجانسة، وكذلك الضوء شبه المباشر بواسطة استخدام المصابيح المصنفرة. لذا يجب الاهتمام بارتفاع الأسقف وأشكالها وكذلك ارتفاع المصابيح عن أرضية العمل.
إن المصابيح ذات الأغطية (الأباجورة) التى توضع على المكاتب أثناء القراءة أو العمل تضىء حيز العمل بما فيه الكفاية، كما أنها تتميز بتوفير الإضاءة. إلا أنها لا تسمح للضوء فى الحجرة بالتوزيع العادل. والتوزيع المتجانس للضوء يكاد يكون على أقصاه فى ضوء النهار الطبيعى، يليه فى ذلك الضوء الصناعى غير المباشر. والفارق بين ضوء النهار والضوء الصناعى هو درجة الانتشار والتوزيع، فأفضل ظروف الإضاءة هى ضوء النهار المكتمل حين يسقط بصورة غير مباشرة ، وتستخدم غالبا مرشحات تجعل الضوء الصناعى شديد الشبه بضوء النهار، كما يجب الاهتمام بتصميم النوافذ والمبانى الصناعية للإفادة من ضوء النهار إلى أقصى حد.
إن من أكثر الأخطاء شيوعاً، تصور أن مزج ضوء النهار بضوء صناعى ضار بالأبصار، فمزج الضوءين يعطى ضوءا أفضل وأكثر راحة للبصر من ضوء صناعى يتساوى فى مقداره مع هذا المزيج. غير أن الضوء الصناعى وإن تساوى فى شدته مع الضوء الطبيعى إلا أنه لا يزال دونه من حيث جودته لأنه يختلف عنه فى لونه ودرجة تجانسه. وقد اجريت تجربة للكشف عن الصلة بين لون الضوء والإنتاجية وذلك بأن طليت جدران حجرة باللون الأبيض المطفأ -أى غير اللامع- وجلس فيها أفراد يقومون بعمل يدوى تكرارى فى أضواء مختلفة الألوان وسجلت النتائج فى الجدول التالى:
لون الضوء | الأبيض | الأصفر | الأخضر | الأزرق | الأحمر | البرتقالى |
الإنتاج النسبى | 100 | 93 | 92 | 78 | 76 | 76 |
من هذا الجدول يتضح أن اللون الأبيض هو أفضل الألوان يليه فى ذلك الأصفر. هذا ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار ما للون الضوء من أثر على الحالة النفسية للفرد، وهذا ما يراعى الآن فى المستشفيات وغرف العمليات ومكاتب الكمبيوتر وكذلك فى أماكن القياس والعمل، ومدى تأثير ذلك على معدل الحوادث بوجه خاص. هذا وهناك أعمال تتطلب إضاءة إضافية وذلك حسب الدقة والتركيز البصرى المطلوب. وتوجد مقاييس محددة عند اختيار مصادر وقوة الإضاءة ويجب الالتزام بالجداول الخاصة بذلك.
وكما أن الضوء القوى والمتوهج له تأثير ضار على النظر فان الضوء الضعيف غير الكافى له أضرار مماثلة. لذلك فمن الأفضل استخدام مصابيح "الفلورسنت" التى تسمح بإعطاء ضوءا متجانساً وغير متوهج وابيض اللون. وبإدخال نظم الحاسبات الآلية فى الإنتاج والإدارة فإن نظم الإضاءة أصبحت لها أهمية خاصة نظراً لأن معظم العمل يتم أمام شاشات الكمبيوتر، وللألوان فى هذه الحالات دور كبير لزيادة أو تقليل تأثير الإضاءة.
2- تأثير الألوان على الأفراد العاملين
يعتبر اختيار ألوان الحوائط والأبواب والأسقف والأرضيات والمعدات من الأمور الهامة بمكان العمل كما أن لها تأثير ملحوظ على ظروف العمل، حيث أن للألوان تأثير كبير ومحسوس فى نفسية العامل وإحساسه اللاشعورى والشعورى بالحرارة والبرودة والتفاؤل والانقباض.
وغالبا ما يتم دهان العدد بألوان معينة وكذلك معدات القياس بألوان أخرى للمساعدة فى سرعة التمييز بين الأدوات المختلفة ، وهذا يؤدى إلى عدم اختلاط المعدات أو المواد أو أجهزة القياس التى يستخدمها العامل. وغالبا ما تدهن الماكينات المختلفة باللون الرمادى أو الأخضر بدرجاتها المختلفة للتميز أيضا داخل أماكن التشغيل. وتدهن عادة الأسقف باللون الأبيض لقدرته على عكس الضوء بدون أن يؤدى للتوهج، أما الحوائط فيناسبها اللون الأزرق الفاتح أو الرمادى أو الأخضر، كما تدهن الأجزاء السفلى بلون أغمق. أما الأرضيات فيجب أن تدهن بلون يعكس بين 25 - 40 % من الضوء الساقط عليها ويناسبها الأخضر أو الرمادى أو البنى.
3- تأثير التهوية فى مكان العمل
إن الآثار الضارة لسوء التهوية لا تعزى إلى ركود الأكسجين أو تزايد ثانى أكسيد الكربون بقدر ما ترجع إلى ركود الهواء وما يترتب عليه من ارتفاع درجتى الحرارة والرطوبة. ومتى ارتفعت درجتا الحرارة والرطوبة تعذر على جسم الفرد العامل التخلص من حرارته الزائدة بصورة طبيعية فيختل توازنه الصحى نتيجة لزيادة نسبه الأملاح فى جسمه. فالجسم عادة يتخلص من حرارته الزائدة عن طريق الإشعاع والتوصيل. وحركة الهواء تساعد على خفض حرارة الجسم بإزاحة الهواء الساخن القريب من الجلد وإحلال طبقة هواء أخرى أكثر برودة وجفافا.
فإذا كانت درجة حرارة الهواء والأجسام المحيطة بالفرد أعلى من درجة حرارة سطح جسم الفرد، كما فى بعض الصناعات مثل صناعة الحديد والصلب، صناعة الزجاج، أعمال السباكة واللحام والحدادة والتعدين والخزف والطوب والعمل داخل عنابر الماكينات بالسفن- بالإضافة لذلك كان الجو مشبعا بالرطوبة- كما فى صناعة النسيج والدخان والسكر والورق والعمل على السفن- لم يتسن للجسم التخلص من أى مقدار من حرارته وتبدأ حرارة الجسم فى الارتفاع المطرد حتى يختل توازنه. وعلى هذا يكون العلاج الوحيد هو تحريك الهواء وتجديده حتى تنخفض درجة حرارة جسم الفرد ، وذلك عن طريق التهوية الطبيعية أو الصناعية (المراوح مثلا). هذا وينتج عن الحرارة والتهوية غير المناسبين شعوراً بالإجهاد فضلاً عن تسببهما فى بعض الأمراض. فالحرارة المرتفعة تسبب الخمول وقد تؤدى للإصابة بالنزلات، كذلك الرطوبة العالية لا تساعد الجسم على إشعاع حرارته الزائدة ، وبالتالى لا تحقق له التوازن الحرارى ومن هنا يشعر العامل بعدم القدرة على العمل. وقد وجد أن انسب درجات الحرارة لبعض الأماكن كالاتى :
المصانع عموماً | ورش الدهان | ورش الماكينات الإنتاجية | المكاتب الإدارية | المسابك وما شابهها |
18 oم | 27 oم | 15 -18 oم | 22 oم | 10 - 15 oم |
وقد دلت التجارب المعملية على أن الظروف المثلى لكل من العمل الجسمى والعقلى هى 20 oم مع درجة رطوبة قدرها 50% ، و45 قدما مكعبا من الهواء النقى فى الدقيقة. وعموماً يجب تخفيض الرطوبة كلما ارتفعت درجة الحرارة. أما التهوية فلابد أن تكون كافية بحيث يجب تغيير الهواء بمعدل 6 مرات فى الساعة للأشخاص الجالسين، 10 مرات بالنسبة للأشخاص كثيرى الحركة (دالة فى الاحتياج إلى الأكسجين).
ومن البديهى أنه يجب التخلص من الروائح والغازات والأتربة إلى ابعد ما يمكن وعدم السماح بانتشارها فى مكان العمل. وتستخدم التهوية الصناعية لسحب الهواء من الخارج أو طرده من الداخل ليحل محله هواء نقى وذلك إذا كانت الظروف الطبيعية وموقع العمل وتصميم فتحاته ليحقق الشروط الصحية المناسبة.
4- التأثيرات الضارة للضوضاء والتغلب عليها
تتكون ظاهرة الصوت من عملية توليد ذبذبات لجسم ما بتأثر قوى ميكانيكية، ونتيجة لارتطام هذا الجسم المتذبذب بجزيئات الهواء وانسحابه منها ، وإعادة ارتطامه بها مرة أخرى يولد حركة موجيه فى جزيئات الهواء المرنة وهذه الحركة الموجية تنتقل فى جميع الاتجاهات وتصل إلى الأذن البشرية ، وعند ذلك تحدث هذه الحركة الموجية ضغطاً ذو شدة معينة على غشاء طبلة الأذن الذى بدوره يعمل نفس تأثير الاهتزاز داخل الأذن الداخلية وأجزائها ، وفى النهاية تنتقل هذه الموجات وتأثيرها إلى الأعصاب السمعية التى تنقل الإحساس إلى المخ وهناك يتم تفسير المصدر الأصلى للصوت المسموع.
والأذن البشرية كأداة للسمع تتأثر بالأحداث حولها سواء كانت ضمن الحدود الطبيعية المسموح بها أى المقبولة ، أم أنها تتعدى هذه الحدود وتشكل مصدراً مزعجاً وهو ما يعرف بالتلوث الضوضائى.والجدول التالى يوضح بعض القيم لمستوى ضغط بالديسبل والقيم المسموح بها.
مصدر الصــوت | مستوى الضغط الصوتى بالديسبلdB |
هبوب الرياح على أوراق الشجر | 10 |
ثلاجة كهربائية | 40 |
مكيف هواء | 50 |
ماكينة خياطة | 60 |
سيارة كبيرة محملة على بعد 50 قدم | 80 |
محطة قطارات تحت الأرض | 80-90 |
موسيقى صاخبة | 100-120 |
طائرة نفاثة عند الإقلاع وعلى بعد 200 قدم | 110-130 |
حدود الإحساس بالألم فى الأذن | 140 |
ومما هو موضح من القيم بالجدول إن الفرد غالبا ما يتعرض للضوضاء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، هذا ويلعب زمن التعرض للضوضاء دورا كبيرا ومؤثرا فى الضرر المحتمل حدوثه. ومن أهم التأثيرات السلبية المباشرة والقصيرة المدى والتى يشعر بها الفرد فى مكان العمل ،هو أن الضوضاء تقلل من فرصة التفكير الذهنى فى العمل ولهذا تنخفض كفاءة العامل وتقل جودة المنتجات. هذا ويجب الا تتعدى 85 ديسيبل فى المصانع عموماً، 45 ديسيبل فى المكاتب، ويمكن خفض الضوضاء بعدة وسائل منها:
1 - إحكام تثبيت الماكينات وتجهيزها بما يلزم من قواعد ماصة للإهتزازت.
2- تزييت الأجزاء المتحركة بانتظام لتقليل مصادر الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة.
3- تركيب حوائط تمتص الاهتزازات وتقلل نسبه الضوضاء بين عنابر الإنتاج المختلفة.
4- إقامة حاجز بين مصدر الصوت وبين العمال.
دراسة تأثير الظروف الفيزيقية فى العمل
إن الاهتمام بتحسين الظروف الفيزيقية للعمل ، أى تهيئة أفضل لمكان الإنتاج يساعد على رفع الروح المعنوية للأفراد العاملين، مما يجعلهم يقبلون على العمل عن بجودة وحماس وكما سبق إيضاحه توجد طرق لتحسين ظروف مثلى للإضاءة والتهوية ودرجة الحرارة وساعات العمل من شأنها أن ترقى بمستوى الإنتاج للفرد وبالتالى للمصنع. غير أنه فى بعض الأحيان نجد كثيرا من الأفراد ينتجون ويتحمسون لعملهم ويشعرون بالسعادة والرضا حتى فى أسوء الظروف الفيزيقية وأقلها موائمة، وأن تحسين هذه الظروف قد لا يؤدى بالضرورة إلى رفع مستوى الإنتاج أو الروح المعنوية بل قد يؤدى إلى خفضها أحيانا. ويمكن تعليل ذلك بأن إنتاج الفرد ليس نتيجة عامل واحد بل هو محصلة مجموعة من العوامل الشخصية المتشابكة والمعقدة، منها عوامل نفسية ومادية واجتماعية وفنية تتعلق بالمهارة واستيعاب الظروف الفنية التخصصية لعمله.
فإهمال الأفراد أو عدم الاهتمام براحتهم وكرامتهم له من الأثر السلبى فى خفض الروح المعنوية وبالتالى الإنتاجية، ممالا يمكن أن يعادله تحسين الإضاءة ، أو وضع مكيفات للهواء فى أماكن العمل. والكلمة الغير مسئوله (الطائشة) والقيادة المتعسفة أو العبارة التى يساء تأويلها قد تهبط بالإنتاجية بما لا يرفعه تحسين ظروف العمل لتقليل الضوضاء مثلا، وفيما يلى شرح لظاهرة هامة ومؤثرة وهى الملل والتعب الذى يصيب الفرد العامل ويؤثر على إنتاجية العمل
ظاهرة نشأة الملل فى العمل
الملل هو حالة نفسية تنشأ من القيام بعمل يعوزه الدافع القوى أو من اضطرار الفرد إلى الاستمرار فى عمل لا يميل إليه. وهناك فرق بين التعب وبين الملل، فهناك عمل ممل غير متعب وآخر متعب غير ممل.
إن فهم طبيعة الملل وطرق استثارة الميل إلى العمل أمران لازمان لتحسين طرق العمل وظروفه، لذا يجب أن يتعاون السيكولوجي مع المهندس الصناعى فى تحسين هذه الطرق والظروف. ولقد دلت تجارب حديثة على أن تقدير الفرد لطول فترة من الزمن يتوقف على مقدار ما يشعر به وما يفطن إليه من أفكار وتصورات خلال هذه الفترة. فإن كان يقوم بعمل شيق ، أنطلق انتباهه تلقائيا وأنساب تفكيره طيعا "لا شعوريا" فى غير عسر أو انقطاع أو تلكؤ، وبذا لا يشعر بمرور الوقت. أما إن كان يقوم بعمل رتيب لا يشوقه ولا يثير اهتمامه وانتباهه ، فلم يبق أمامه إلا الانتظار وتوجيه انتباهه إلى ما تبقى من الزمن (الوقت) حتى يدق ناقوس الانصراف وسرعان ما يحشد ذهنه بأشتات من الأفكار والتصورات المختلفة المتنافرة غير المترابطة والتى تزيد من شعوره بطول الزمن.
التعب والملل
الكفاية الإنتاجية، هى محور واهتمام علم النفس الصناعى بالأفراد فى المجال الصناعى. والكفاية عامة تعرف فى حالتها المثلى بأنها إنتاج أكبر مقدار من المنتجات مع جودة مناسبة فى أقصر وقت وبأقل مجهود ممكن وأكثر قدر من الرضا والارتياح. ولعلم النفس أهداف كثيرة ومتنوعة منها تحسين الظروف الفيزيقية للعمل كدرء التعب واتقاؤه والبحث عن أنسب عدد لساعات العمل اليومى والأسبوعى، وكذلك عن أنسب توزيع لفترات الراحة أثناء العمل. كما انه يساهم بدراساته فى الكشف عن أفضل وضع للأفراد العاملين أثناء عملهم وكذلك عن أنسب شكل وحجم ووزن للأدوات والمعدات والتى لها صلة وثيقة بتعب الأفراد وإجهادهم، ومن أهم مظاهر التعب :
1- شعور الفرد بالضيق والألم.
2- انخفاض إنتاجية الفرد العامل ونقص فعلى متزايد فى الكفاية الإنتاجية الكلية.
3- تغيرات فسيولوجية ضارة على الفرد مثل زيادة نسبه السكر فى الدم، إمكانية ضعف وتلف العضلات والأعصاب نتيجة لتراكم السموم فى الأنسجة المختلفة والتى يسببها وجود خلل وظيفى لقصور بعض وظائف الجسم كالكبد عن أداء وظيفته بكفاءة، واضطرابات فى التنفس والنبض وضغط الدم.
مثل هذه المظاهر لا تصف طبيعة التعب بل تتخذ نتائج التعب معيار له وذلك لأنه قد تنقص الكفاية الإنتاجية بعد مجهود دون أن يحس ويشعر الفرد بالتعب، وقد تنقص أيضا دون عمل سابق موصول بل نتيجة فتور فى الاهتمام بالعمل وعدم وجود دافع قوى إليه، أو نتيجة ظروف فيزيقية سيئة كسوء الإضاءة دون أن يكون الفرد قد أمضى فى عمله فترة تسبب له التعب.
وهناك عوامل نفسية واجتماعية من أثارها يظهر التعب على الفرد طبقا لنوع العمل. فالأعمال المملة أكثر إرهاقا من الأعمال الشيقة، والأعمال الرتيبة الروتينية أكثر تعبا من الأعمال المتنوعة، وكذلك الأعمال الروتينية المفروضة أكثر أتعابا من الأعمال الحرة.
ومن المعروف أيضا أن العمل الجماعى يؤخر ظهور التعب عادة وأن كان قد يؤدى إلى تشتيت الانتباه. ولهذا فإن النظرة السيكولوجية إلى التعب يجب أن تحيط بمختلف العوامل الجسمية والنفسية والاجتماعية التى تشترك فى إحداثه فالإنسان الفرد وحدة جسمية نفسية اجتماعية متكاملة متضامنة لا انفصام بين جوانبها المختلفة.
مقاومة التعب وتأخير ظهوره
هناك عوامل كثيرة من شأنها إرجاء ظهور الشعور بالتعب وكذلك نقص القدرة على العمل ومن أهم هذه العوامل ما يلى:
1- فترات الراحة.
2- تأثير بعض العقاقير.
3- قوة الدوافع والبواعث.
4- معرفة الفرد لمدى تقدمه فى عمله.
وقد وجد أن المكافآت التشجيعية والعلاوات ترفع مستوى إنتاج العامل وكذلك تحسين الظروف الفيزيقية للعمل بما يؤدى إلى رفع روحة المعنوية، وأيضا فترات الراحة ترجئ من ظهور التعب لأكثر من سبب: فهى تسهل التخلص من سموم التعب الفسيولوجى، وتقلل من حدة الملل، هذا إلى أن علم الفرد باقتراب فترة الراحة يحفزه على الاحتفاظ بمجهوده وفوق كل ذلك فإن فترات الراحة تشعر العامل بمدى اهتمام المؤسسة أو المصنع براحته مما يرفع من روحه المعنوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق