
المقرر العلمي : أخلاقيات وتشريعات المهن الهندسية
كود المقرر GEN207
ثانية إنتاج
أستاذ المادة دكتور مهندس / محمد عباس زغلول
مدخـل لعلـم القـانـون
مقدمة
من المعروف أن المدخل إلى أي علم من العلوم يقصد به تعريف هذا العلم و بيان الخصائص التي يتميز بها عن غيره من العلوم الأخرى، مع تقديم المبادىء الأساسية فيه وشرح الأفكار الرئيسية وبعرض القواعد العامة التي يقوم عليها، و بتعبير آخر أن المدخل لآي علم هو هيكلة الخطوط العريضة لذلك العلم لتكون بمثابة الأساس المتين المترابط الذي يسهل للدارس أن يستوعب تفاصيل ذلك العلم عند الدخول إلى فروعه وتقسيماته المتعددة، وفهم النظريات المختلفة التي تحكم تلك التفصيلات. ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار أن المدخل إلى علم القانون هو دراسة تمهيدية وشرح للمبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية. وهذا يعني ابتداء أن المدخل إلى علم القانون ليس مرتبطا بفرع معين من فروع القانون التي تنتظم جميعها في إطار عام هو النظام القانوني للدولة، لأنه يرتبط بكل فروع النظام القانوني، فهو يمهد للفروع القانونية جميعها. ولكن مع التسليم بصحة هذا الرأي، فقد جرى العمل على أن دراسة المدخل إلى علم القانون تلحق بالقانون المدني، و ذلك تأسيسا على أن القانون المدني هو القانون العام حيث أختص بنصيب الأكبر فيما يتعلق بالنص على أغلب المبادىء و القواعد العامة التي تدخل الدراسة التمهيدية للقانون.
تعريفات ومفاهيم أساسية
اشتقت كلمة قانون من اليونانية حيث كلمة Kan تعني العصا المستقيمة ويعبرون بها مجازيا عن القاعدةRegula ، ومنها إلى فكرة الخط المستقيم التي هو عكس الخط المنحني أوالمنحرف أوالمنكسر، وهذا تعبير إستعاري للدلالة على الأفكار التالية: الاستقامة(la Rectitude) والصراحة (la Franchise) والنزاهة (la Loyauté) في العلاقات الإنسانية ويستخلص من هذا أن كلمة قانون تستعمل كمعيار لقياس انحراف الأشخاص عن الطريق المستقيم أي عن الطريق التي سطره لهم القانون لكي يتبعوه في معاملاتهم.
ويقصد بكلمة قانون بمعنى واسع، القانون الوضعي، وهو يعنى بمجموعة القواعد القانونية السارية المفعول في زمن معين وفي مكان محدد. ويقصد به بالخصوص القانون الداخلي للدولة والذى يكون هو النظام القانوني الوطني ككل. مثلا: القانون المدني - القانون التجاري - قانون العقوبات - القانون الدستوري . و غيرها من القوانين السائدة في الدولة.
كما تستعمل كلمة قانون للدلالة على مجموعة نصوص قانونية ( قانون- أمر - مرسوم - قرار: (جمعت بصفة متناسقة ومنظمة بحيث تخص فرعا معين من التشريع ويطلق عليها البعض إسم مثلا: القانون المدني ، قانون الإجراءات المدنية ، قانون العقوبات... وعادة ما يقسم هذه المجموعة القانونية إلى مواد مرتبة ، التي هي بدورها قد تنقسم ( أي المادة ) إلى فقرتين أو أكثر. وفيما يلى شرح مبسط لمعانى مختلفة للقانون.
المعنى اللغوى: القانون في اللغة بمعنى القاعدة والقاعدة تعني بدورها في اللغة معنى النظام والاستقرار على نمط رئيسي ومطرد؛ فالقاعدة او القانون هي كل علاقة تنتج ظاهرتين بحيث اذا تحققت احداهما تحققت الاخرى بالتبعية؛ فوفقا لهذا المعنى يقال قانون جاذبية الارض للدلالة على ظاهرة سقوط اي جسم، وقانون بقاء الطاقة او قانون الطلب والعرض واستعمالات من هذا القبيل. وهذه المعاني لكلمة القانون غير مقصودة في دراسة علم القانون.
المعنى الاصطلاحي للقانون: يقيد لفظ القانون في الاصطلاح احد المعاني التالية:
أولا: مجموعة القواعد العامة والمجردة والملزمة والتي تنظم سلوك الانسان الاجتماعي مصحوبة بجزاء على نحوالمكافاة او العقوبة لمن ينفذها او يخالفها من قبل السلطة العامة كفيلة باحترامها،
ثانيا: يطلق لفظ القانون ويراد به مجموعة القواعد القانونية في دولة وزمن معينين، ويقال له القانون الوضعي نظرالكونه موضوعا ونافذا بارادة السلطة المهيمنة، وتمييزا له عن الاحكام الاخرى التي ليست لها مراجع تنفيذ او تطبيق معينة، كمبادئ الاخلاق والشرف والكرامة وما اليها. وهذا الاستعمال يكون عند دراسة القانون المعمول به في بلد ما فيقال القانون الفرنسى مثلا.
القانون بمعنى مجموعة الاحكام والقواعد التي تصدرها السلطة التشريعية، وهنا يكون القانون مدونا دائما، وهوبمعنى التشريع، ويطلق عليه في الانجليزية (Legislation)، ولا يبعد ان يكون القانون بهذا المعنى مرادفا لمصطلح الفقه في الاسلام. وفي العربية يطلق على القانون بهذا المعنى تارة تشريع وتارة تقنين فيما لو اتخذ صورة التأصيل العلمي المنطقي لغالبية الضوابط المتعلقة بفرع او آخر من فروع القانون؛ كان يقال: التقنين المدني او التقنين التجاري تعبيرا عن التشريع الذي يضم القواعد المتعلقة بهذا الفرع او ذاك.
والحق معناه: صلاحية او سلطة او امتياز يمنحها القانون لشخص حقيقي او معنوي دون الاخر. ويعادله بالانجليزية Right. وكلمة الحق تقبل الجمع في كل اللغات، فيقال مثلا Human Rights بالانجليزية؛ بمعنى حقوق الانسان، وكذلك يقال حق الملكية؛ حق الشفعة؛ حق الحضانة؛ حق الخيار. وغيرها. والحق في الفقه الاسلامي ياتي بهذا المعنى، وله اركان ثلاثة: من له الحق، ومن عليه الحق، ومتعلق الحق. ويقابل الحق في الفقه الحكم والملكية.
وبالرغم من ذلك يمكن للقواعد التي تطبقها الدولة أن تتغير. ففي الواقع احيانا ما تُعدل القوانين بصورة متكررة لكي تعكس المتغيرات التي تطرأ على حاجات المجتمع واتجاهاته المستجدة نتيجة لتطور الحياة. وفي معظم المجتمعات، تضطلع أجهزة حكومية متعددة، وبخاصة أقسام الشرطة والمحاكم بمهمة التأكد من إطاعة القوانين. ولأنه يجب معاقبة أي شخص لعدم إطاعة القوانين الصادرة بطريقة صحيحة فإن معظم الناس تتفق على أن تكون القوانين عادلة. وتعد العدالة معيارًا أخلاقيًا ينطبق على كل أنماط السلوك الإنساني.
هذا وتنطوي القوانين التي تطبقها الدولة دائما على عناصر أخلاقية قوية. ولهذا، فإن العدالة، بوجه عام من المبادئ الموجهة للقانون. لكن باستطاعة الدولة تطبيق القوانين التي يعتقد كثيرٌ من الناس عدم عدالتها وهي أحيانًا تطبقها بالفعل. وإذا ما أصبح هذا الأمر واسع الانتشار فإن الناس قد يتخلوْن عن احترام وإطاعة القانون، وربما تعمدوا مخالفته.
الأهداف العامة للقانون
من السياق السابق لكلمة قانون يتبين الوظائف والأهداف الرئيسية للقانون. ومن اهم وظائفة في المجتمع السياسي المنظم –الدولة- هو المحافظة على حقوق الأفراد المتعلقة بحماية أرواحهم وأعراضهم وأموالهم. وهذا يعنى بالمقام الأول أن الدولة وبالقانون عليها مسؤلية وامانة المحافظة على النظام الاجتماعي، غير أن النظام الاجتماعي لا يكون الهدف النهائي للدولة، حيث يهدف المجتمع إلى أهداف أدبية أو اجتماعية سواء كانت فردية أو جماعية، وهذه الأهداف متعددة و أحيانا متناقضة، ولهذا يلجأ القانون إلى اختيار البعض وتكريس كل غاية بقواعد قانونية.مثلا:
ـ أهداف أدبية : حسن السيرة والأخلاق والعدالة
ـ أهداف مادية : إدارات - مصالح عمومية - جيش ـ تربية وتعليم ـ الصحة
وهذه الأهداف المتعددة يتضح ان للفرد حقوق يحميها القانون لمصلحته ومقابل ذلك عليه واجبات هو ملزم باحترامها، ومن هنا تبرز فكرتا الحق والقانون.
أسس تصنيف القواعد القانونية
جري الفقهاء نحو تقسيم القواعد القانونية علميا إلى عدة أنواع، تختلف باختلاف زوايا النظر إليها.
1- فمن حيث طبيعتها القانونية، تنقسم إلى نوعين: عـامـة وخـاصـة
2- ومن حيث صورتها : مكتوبة وغير مكتوبة
3- ومن حيث تنظيمها للحقوق: موضوعية وشكلية
4- ومن حيث قوتها الإلزامية: قواعد آمرة أو ناهية، وقواعد مفسرة أو مكملة.
1- فمن حيث طبيعتها القانونية
القـواعد العــامة: وهي التي يتضمنها عادة القانون العام بفروعه، أما القواعد الخاصة فهي التي يشملها القانون الخاص بفروعه.
2- ومن حيث صورتها
أولا: القواعد المكتوبة إذا كان مصدر القاعدة القانونية هو التشريع سواء كان هو الدستور أو قانونا عاديا كالقانون المدني أو القانون الجنائي أو التجاري، أو أمرا، أو مرسوما، أو قرارا، أو لائحة صدرت بناء على قانون، وتعتبر جميعها من قبيل القواعد القانونية المكتوبة لأنها تصدر وتنشر بالجريدة الرسمية، وتعلن للأفراد في صورة مكتوبة، وهي قد صدرت من الهيئة التشريعية.
ثانيا: القواعد الغير مكتوبة إذا نشأت أو تقررت القاعدة القانونية من غير طريق السلطة التشريعية، أو السلطة التنفيذية المختصة قانونا بإصدارها، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد القانونية غير المكتوبة، ومثالها قواعد العرف، وأحكام المحكمة العليا للقضاء التي هي ملزمة للمحاكم وللمجالس القضائية.
3- ومن حيث تنظيمها للحقوق
أولا: القواعد الموضوعية يقصد بالقواعد الموضوعية كل قاعدة تقرر حقا أو تفرض واجبا.
ثانيا : القواعد الشكلية فهي القواعد القانونية التي تبين الوسائل التي يمكن بها اقتضاء الحق المقرر، أو تقرير كيفية الالتزام بالقيام بالواجب. ومن أمثلة القواعد الشكلية معظم قواعد قانون الإجراءات المدنية: وهي التي تنظم كيفية مباشرة الدعوى المدنية واختصاصات الجهات القضائية المدنية. ومن أمثلتها أيضا، أغلب قواعد قانون الإجراءات الجزائية: وهي التي تنظم كيفية مباشرة الدعوى العمومية واختصاصات الجهات القضائية الجنائية وكيفية تشكيل المحاكم، وطرق الطعن في أحكامها
4- ومن حيث قوتها الإلزامية
أولا: القواعد الآمرة والناهية: فهذه القواعد هي التي تتضمن خطابا موجها للأفراد بأداء عمل معين. فإذا كانت القاعدة القانونية تتضمن أمرا بالقيام بعمل فهي قاعدة آمرة. أما إذا كانت القاعدة القانونية تتضمن نهيا عن أداء عمل معين، فهي قاعدة ناهية. ومن ذلك يتضح أن القواعد الآمرة والناهية تتميز بأنها لا يجوزالإتفاق على عكسها، أي لا يملك الأفراد حق مخالفتها إيجابا أو سلبا، فهي ملزمة في الحالتين، ووجه الإلزام هو الجزاء آى العقوبة المقررة الذي يوقع على كل من يخالفها في الأمر أو في النهي على سواء.
ثانيا: القواعد المكملة أو المفسرة: ويقصد بها القواعد التي تهدف إلى تنظيم مصلحة مشتركة أو مصلحة فردية للأشخاص فقط في الحالات التي يكون هؤلاء الأفراد غير قادرين على تنظيم علاقاتهم بأنفسهم وبالتالي للأفراد إذا تجاهلوا تلك القاعدة المفسرة أو المكملة، بل يجوز لهم الاتفاق على عكس ما قررته.لكن في بعض الحالات تكون هذه القاعدة ملزمة إذا لم يتفق المتعاقدين على عكسها حيث يصبح اتفاقهم ناقصا ويحتاج إلى تطبيق النص المفسر لإرادتهم، ويعتبرون ممن توافرت فيهم شروط تطبيق هذه القاعدة المكملة لإرادتهم بصفة إلزامية.
Vl-1 Sa, den 21-2-2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق