أرشيف المدونة الإلكترونية

22‏/10‏/2009

جديد x جديد ليوم 22-10-2009

مقرر علم نفس صناعى وسلامة مهنية

لطلاب الصف الأول بقسمى هندسة الإنتاج وهندسة بناء السفن

للطالب الحق فى نقل واستخدام المادة العلمية للمحاضرة وحل الأسئلة

ولا تستخدم فى عمل التقارير والأبحاث التى تطلب منه

البـاب الثـانـى

المواءمة المهنية

1- التوجيه والاختبار المهنى

غالبا ما تتواجد مجموعة من العوامل والدوافع التى تتفاعل مع بعضها البعض فتؤثر بطريقة مباشرة تجعل الفرد يميل إلى اختيار مهنه معينة دون غيرها. فكثير من الناس يختاز مهنته نتيجة لرغبة طارئة أو نصائح عارضة من صديق أو قريب أو على أثر قراءة قصة فى كتاب أو مشاهدة فيلم سينمائى أو سماع محاضرة حماسية أو اتصال بشخصية بارزة فى مهنته.

وقد يكون نتيجة هذا الاختيار نجاحا وتوفيقا أو العكس ، مع الفارق من أضرار بالغة تحيط بالفرد ومن ثم بالمجتمع ، فليس أضر بالكفاية الإنتاجية للفرد من أنه يقوم بعمل لا تؤهله له قدراته واستعداداته وليس أضر بصحة الفرد النفسية من قيامة مضطرا بعمل لا يحبه بل ويكرهه بدرجة ما حتى إن كان منتجا فيه .

ومن الدوافع الهامة فى اختيار المهنة ، الحاجات النفسية للفرد مثل الحاجة إلى الأمن والتقدير الاجتماعى والتعبير عن الذات . كما أن الشعور بالنقص قد يكون دافعا قويا إلى اختيار مهنة ما. فكثير من الأفراد الذين يعانون نقصا جسيما أو اقتصاديا - حقيقى أو وهم - ينزعون فى الغالب إلى التعويض عما يشعرون به من عجز عن طريق أعمالهم، وهو ما يسمى بعقدة نفسية - فمثلا المصابين بعيوب فى النطق تستهويهم المهن التى تتطلب الكلام، والمصابين بعيوب فى البصر يميلون إلى الرسم والتصوير . فكثيرا ما يؤدى الشعور بالنقص إلى فقد الثقة بالنفس والخوف من المنافسة ومن تحمل التبعات فيكون أثر ذلك بالغا فى اختيار المهنة.

وتوجد بعض الأنماط الفكرية السائدة والخاطئة أحيانا بين بعض الأفراد الكبار ممن يملكون الخبرة، من وجه نظرهم . من تلك الأفكار أن معظم الأباء فى مهنتهم ، سواء كانوا ناجحون أو غير ذلك ،  فلابد أن يتفوق أبنه فيها أو يفشل أيضا. وقد يكون ذلك مردة إلى أرث اجتماعى من عصور سابقة حينما كان الأفراد يتوارثون المهن عبر أجيال طويلة ، وتعتبر أسرار المهن فى ذلك الوقت من المقدسات وأسباب التفوق والغلبة فى أسواق المنتجات أو ميادين العلم.

ومن هذه الأفكار أيضا، أن كل فرد مهيأ بفطرته لمهنة واحدة فهو لا يصلح إلا لها. وهذا رأى لا أساس علمى له . فالأفراد لا يولدون نجاريين أو حدادين أو صيادلة أو مدرسين بل يولدون بميراث فطرى من الصحة والحيوية والذكاء واستعدادات عامة يحولها التعلم والتدريب لقدرات نوعية تفيد فى عدة مهن . فالقدرة على فهم العلوم الميكانيكية تفيد فى مجموعة من المهن التطبيقية الصناعية فى المقام الأول، بالإضافة إلى ضرورة توافر الحيوية والرغبة الشخصية لأغلب المهن والحرف. بل إن أغلب الأشخاص الذين تراهم اليوم ناجحين فى مجال معين ، فكان من الممكن أن يكونوا بارزين فى مجالات أخرى . ولا ننسى ما يتميز به الفرد من قدرة كبيرة على التكيف لكثير من المواقف والأعمال والظروف والأجواء المختلفة .

ومن الطريف أيضا أن التقدير أو التحليل الذاتى من الفرد نفسه لا يمكن الاعتماد عليه وحده فى اختيار المهنة . فكثير من الأفراد يعجزون إلى حد كبير عن تقدير أنفسهم تقديرا دقيقا،  فنحن نميل إلى تقدير أنفسنا تقديرا عاليا فى السمات التى نراها موضع استحسان وتقديرا منخفضا فى السمات التى نراها غير مرغوبة. فالفرد يميل بفطرته إلى محاولة إخفاء سوءاته النفسية كما يخفى عوراته الجسمية. لذا فالفرد فى معظم الأحيان يقدم نفسه للآخرين كما يحب لا كما هو عليه فى الواقع، وتلك طبيعة بشرية يتساوى فيها الفرد العادى والغير عادى.

إن مستويات الطموح التى يتخذها كثير من الأفراد لأنفسهم تبتعد بعدا كبيرا عن مستويات قدراتهم الفعلية . ويقصد بمستوى الطموح ذلك المستوى أو الهدف الذى يرسمه الفرد لنفسه ويسعى للوصول إليه، أو هو المستوى الذى يتوقع الفرد أن يصل إليه  بناء على تقديره الذاتى لقدراته واستعداداته . فمثلا هذا الطالب يتمنى أن يكون طبيبا أو مهندسا أو مدير أعمال وليس لديه من المؤهلات الفعلية والشخصية ما يأذن له بالنجاح فى هذه الأعمال . لذلك فإنه يظل يلهث لبلوغ هدفه هذا. فلا يناله إلا الفشل المتكرر وخيبة الأمل والشعور بالذنب واستصغار نفسه. ولو وفق مثل هذا الطالب إلى من يعينه على تقدير ما لديه من ذكاء وقدرات وسمات تقديرا موضوعيا ، وتحديد وإبراز ما لديه من نواح للقوة وأخرى للضعف لوفر عليه كثير من الجهد الضائع وأعفاه من التوتر النفسى والفشل المتوقع.

مما تقدم يجب أن يكون اختيار الفرد لمهنته مبنى على أساس علمى موضوعى دقيق لا على أساس ذاتى أو ارتجالى أو عاطفى . وهذا هو أساس حركة التوجيه المهنى.

2- سوء اختيار المهنة

قد تكون مهنة الفرد مصدر أمن واستقرار وسعادة له أو تكون مصدر قلق وتأزم واضطراب وشقاء له ولذويه . والمهنة الملائمة مصدر الأمن والسعادة يجب أن تتوفر لها شروط ثلاثة :

1-  أن يستطيع الفرد أداءها بنجاح لأنها تتمشى مع حيويته وذكائه واستعداداته الجسمية الخاصة .

2-  أن يرضى عنها الفرد ويميل إلى ممارستها لأنها تتمشى مع مستوى طموحه وفكرته عن نفسه.

3-  أن يكون الجو الإدارى والاجتماعى الذى يحيط بها جوا جيدا، لا تشوبه القوانين واللوائح الظالمة أو الإدارة المتعسفة أو الزملاء المتنافرين.

والمهنة الملائمة بهذا المعنى مجال يرضى فيه الفرد دوافعه المادية والنفسية المختلفة ، وينمى شخصيته ويوثق ارتباطه بالمجتمع ويؤكد ذاته. وهذا يزيد من التقدير والاحترام لذاته، بالإضافة إلى احترام الناس له، مع تحقيق الهدف المرجو فى الحياة والذى يعمل على بلوغه راضيا مختارا وبذلك يكون لها الأثر العميق فى أتزان الشخصية وتكاملها، وتجنب المشاكل النفسية .

ومن المعروف فى علم النفس إن لم يوفق الفرد إلى إرضاء هذه الدوافع والحاجات بصورة واقعية مباشرة متزنة ، أصبح عرضة للقلق والحيرة والشعور بالنقص وعدم الرضا عن النفس وبالتالى عن الناس، ثم يأخذ فى إرضاء هذه الدوافع بطرق ملتوية غير مباشرة أو بطرق منحرفة منها الاعتداء على غيره من الناس بالقول أو الفعل ، ومنها إلقاء اللوم على غيره واتهامهم بأنهم مسئولون عن فشله وعجزه ،  أو تبرير ما به من عيوب وأخطاء باختلاق أعذار وهمية يخدع بها نفسه قبل أن يخدع الناس المحيطين به.

ولا يقتصر أثر المهنة غير الملائمة على الصحة النفسية للفرد بل يتعداه إلى صحته الجسمية أيضا. وظاهرة " تقلب العمال " هذه تحدث من جراء سوء توافقهم المهنى، وتكلف الاقتصاد القومى فى بعض البلاد خسائر فادحة. فسوء التوافق المهنى عامل رئيسى فى كثرة تغيب العمال ومرضهم أو تمارضهم وفى زيادة الحوادث أثناء العمل .

ويمكن تلخيص ذلك أن امتهان الفرد مهنة لا تناسبه ، لا يفيد الإنتاج ولا الصحة النفسية للفرد نفسه، ويصبح بمرور الوقت بطالة مقنعة0 وما يسببه للتنظيم الاجتماعى من قلق واضطراب ، هذا إلى ما يجره على الاقتصاد من خسارة وضياع فى قوة العمل والإنتاج. من هنا تظهر مدى الحاجة الماسة إلى كل من  التوجيه المهنى والاختيار المهنى.

ويقصد بالتوجيه المهنى معونة الفرد على اختيار مهنة تناسبه. أما الاختيار المهنى فيقصد به انتقاء أصلح الأفراد  لمهنة معينة. والتوجيه والاختيار المهنى من الأمور الهامة والتى تهتم بها النظم الإدارية فى كثيرا من ميادين الصناعية، كما أنها تساهم فى معرفة الفروق الفردية بين الأفراد العاملين، لمعرفة مدى الذكاء والاستعدادات الخاصة للأفراد، وأيضا معرفة القابلية للتعب والتعرض لحوادث العمل والاتزان الانفعالى والصلاحية لقيادة الجماعات العاملة والإفادة من التدريب.

3- التوجيه المهنى

يقصد بالتوجيه المهنى بمعناه الشامل عملية معاونة الفرد على اختيار مهنة تناسبه وعلى أعداد نفسه لها وعلى الالتحاق بها والتقدم فيها على نحو يكفل له النجاح فيها والرضا عنها وعن نفسه والنفع للمجتمع . ولا تقتصر على ذلك بل تتجاوز إلى النصح له بالابتعاد عن مزاولة مهنة معينة، إذ كان هناك عيوب لا تهيىء لصاحبها مزاولة بعض الأعمال ، فمرض عمى الألوان - عدم القدرة على التمييز بين مختلف  الألوان- يحول بين صاحبه وبين قيادة السيارات أو القطارات ، كما أنه يباعد بينه وبين بعض المهن ذات الصلة بهذا المرض ، مثل مهنة الصيدلة والصباغة والحياكة والتصوير ، والتى تتطلب دقة سرعة التمييز بين مختلف درجات الألوان.

كما أن عيوب السمع لا تتفق مع مهنة التدريس وبعض أعمال السكك الحديدية والبريد والتليفون والتلغراف ، والتى تستلزم اليقظة والاستجابة السمعية لمختلف الأصوات والتنبيهات. أما الأفراد الذين لديهم الاستعداد للإصابة بالسل فيجب أن يبتعدوا عن العمل فى المناجم وعن أعمال البرادة والخراطة والنحت وتسوية الحجارة، والتى تكون إحدى نتائجها أتربة وأبخرة دقيقة تساعد على تهيج الأغشية واستفحال المرض. فينصح هؤلاء بالتوظف فى مكتب أو بالعمل بالزراعة أو توزيع البريد أو الشرطة . والفرد المصاب بمرض القلب يجب ألا يكون حدادا أو محضرا فى محكمة، حيث يحتاج إلى مجهود بدنى كبير ومتواصل.فمن الخطأ الجسيم أن ينتظر من فرد تعوزه القدرة والإحساس بالعلوم الميكانيكية أن يكون مهندس ناجح ، أو آخر أخرق اليدين أن يكون جراح، ومن الطبيعى أيضا أن نتوقع الفشل لملاحظ أو مشرف عمال أو لناظر مدرسة مصابا بمرض نفسى أو تعوزه القدرة على سياسة  وقيادة الأفراد.

4- خطوات برنامج التوجيه

يجب على العاملين فى هذا المجال مراعاة وإتباع بعض الخطوات الأساسية منها على سبيل المثال:

1- عمل دراسة تحليلية شاملة للفرد ، تفحص قدراته الجسمية والحسية والحركية واستعداداته الفعلية ، وكذلك ميوله ومستوى طموحه وسماته الاجتماعية والخلقية المختلفة.

2- تجهيز تحليل للمهن المختلفة لمعرفة ما تتطلبه كل مهنة من نواح فنية ، وما تتطلبه من مؤهلات خاصة وأيضا ما تتطلبه من الناحية السيكولوجية أى قدرات واستعدادات وسمات خاصة.

3- وضع خطة الأعداد المهنى لتدريب الفرد على المهارات التى تحتاج إليها المهنة وإعداده نفسيا ، أى معاونته على كسب عادات واتجاهات نفسية جديدة تقتضيها مزاولة المهنة كى يتسنى له التكييف لها والنجاح فيها.

4- عمل خطة للمتابعة، لمعرفة مدى تكيفه لعمله ونجاحه فيه ومعاونته للتغلب على المشاكل التى تصادفه مع زملائه ورؤسائه.

5- مراكز التوجيه المهنى

إن التوجيه المهنى دعوة إنسانية وتعبئة قومية وتنظيم اجتماعى اقتصادى، وقد أقيمت مراكز التكوين المهنى فى الغالب من أجل تحقيق بعض الأهداف ، ومن أهم هذه الأهداف تأثيرا كان الاتجاه إلى البعد الاجتماعى ثم البعد الإنشائي:

هدف اجتماعى : ويهتم بالدرجة الأولى بمحاولة حماية ووقاية المجتمع من الأضرار والمشاكل التى تنجم عن وضع الفرد فى غير موضعه المناسب له.

هدف إنشائي  :  وهو استغلال الطاقة البشرية فى المجتمع إلى أقصى حد ممكن .

وينصب عمل مراكز التكوين المهنى على عدة وظائف منها:

1 - توجيه المراهقين والشباب إلى أنواع الأنشطة الملائمة لكل منهم لكى يحققوا أحسن النتائج فيها.

2 -  توجيه النساء إلى الأعمال التى تلائم ميولهن وأستعدادتهن الخاصة.

3 -  توجيه العاطلين والذين فشلوا فى أعمالهم بإعادة تكييفهم وتدريبهم من جديد.

4 -  توجيه المصابين بأمراض نفسية بعد علاجهم أو أثناء العلاج.

5 -  نشر الوعى التوجيهى بين الأفراد وتعريفهم بفوائده وعرض بعض نتائج هذا الوعى التوجيهى عليهم حتى يقبلوا عليه من تلقاء أنفسهم، فالتوجيه المفروض غالبا ما يكون مرفوض.

6- الاختيار المهنى

يقصد بالاختيار المهنى انتقاء أصلح الأفراد وأكفئهم من المتقدمين لعمل من الأعمال أو المرشحين لمنصب شاغر. ويعمل الاختيار المهنى على التصفية واختيار أحسن المتقدمين . ومجال الاختيار ينحصر فى معرفة مهنة واحدة بعكس التوجيه المهنى الذى يعرف آلاف المهن ، كما يتفق الاختيار والتوجيه المهنى من حيث الهدف البعيد، وهو المواءمة بين العامل وعمله ، وكذلك يتفقان من حيث البرنامج الذى يجب أن يتبع لهذه المواءمة.

وفيما يلى الخطوات الأساسية لمثل هذه البرامج:

1 - تحليل العمل أو المهنة تحليلا مفصلا لمعرفة مطالبها المختلفة السيكولوجية والفنية وغيرها.

2 - تحليل الفرد لمعرفة قدراته واستعداداته وسماته الشخصية.

3 - التحقق من صلاحية الفرد لهذه المهنة بطرق واختبارات سيكولوجية.

 

وللاختبار المهنى أهداف أخرى داخل المؤسسة أو المصنع ومن هذه الأهداف :

1 - توزيع الأعمال على الأفراد العاملين داخل المصنع أو المؤسسة.

2 - نقل الأفراد العمال والموظفين من عمل إلى آخر.

3 - ترقية الأفراد العاملين والموظفين إلى مناصب أعلى.

4 - اختيار من يصلحون من الأفراد للتدريب على عمل معين.

5 - أهمية خاصة، كانتقاء مديرى وقادة الأعمال والمشرفين على الأفراد.

ليست هناك تعليقات: